Friday 20 May 2011

مريم .......عندما تغدر الدنيا

بطلة تلك التجربة  فتاة صغيرة تدعي مريم

هذة هي

ذهبت إلي المنطقة الجبلية في باكستان في الشمال في إقليم خيبربختونخوا لتنفيذ مشروع الأضاحي للجنة الاغاثة في باكستان

أقترح علي أخواني هنا الذهاب أول ايام العيد لقرية صوابي

ذهبت وذبحنا الذبائح ولعبت مع الأطفال علي ضفاف ذلك النهر الصافي الهادئ

الذي لم أتخيله وهو ثائر غاضب وقد حطم تلك القرية تحطيما تاما

وعند بدأ التوزيع رأيت الجميع يقولون ويقترحون هذا الأسم الجميل مريم

وسمعت منهم قصائد طويلة في هذة الطفلة

ذهبت معهم تسلقت أحد الهضاب الصغيرة المتكونة بفعل الطمي المتحجر بعد الفيضانات

رأيت المنازل المهدمة والأطفال يلعبون وسط الحطام

ورأيت طفل أو طفلة لا أعرف حتي الأن في عمر السنتين يلعب في التراب وعندما أردت أن ألاعبه

ذكر الأسم مرة أخري أنه أنه أخ أو أخت مريم لا أتذكر

وفجأه بدأ بعد الرجال ينادون علي مريم

أندهشت قلت لهم أين منزلها

قيل لي ها نحن ذا نقف فيه

لم أري سوي بعض قوالب الطوب المتناثرة وبعض الأثاث المتناثر

وبعض قطع القماش المكونة لخيمة

سمعت والدة مريم من وراء الخيمة تحثها علي الاسراع

خرجت مريم

رأيت هذا الملاك البرئ

بتلك الملامح البريئة والتي لم تخلو من الحزن

صافحتها وأعطيتها هدية أهل مصر من اللحم علي العيد أبتسمت خجلة ولم تنظر لي أبدا مباشرة

سألتها عن أسمها قالت لي بصوت كسير مريم

سألتها في أي صف أنت

قالت كنت العام الماضي في الصف الثالث ولكني الأن لا أذهب للمدرسة

سألتها لماذا؟؟

لم تجب

أجابت عينيها البريئة

بدمعتان حارتان فرتا من مقلتيها مسحتهما وظلت صامتة

لم أجد حقا ما أقوله لها فلا أجيد التصرف في مثل هذة المواقف

وهنا سرد لي أحد جيرانها في الستين من عمرة حكاية مريم والتي لن أنساها أبدا ما حييت

فهي يتيمة مات أبوها وجدها في تلكم الفيضانات وتركاها مع أمها في تلك الحياة يعانون الان برد الشتاء بلا مأوي
 بدأت التجربة في يوم من أيام شهر يوليو الماضي

كانت مريم تلعب مع صديقاتها علي ضفاف نهر كابل

ذلك النهر الصغير المتدفق بقوة والقادم من أفغانستان عبر الجبال إلي باكستان

وتقع علي ضفافه تلك القرية الصغيرة ( صوابي )

قرية صغيرة عبارة عن بعض البيوت المتلاصقة والبعض المتناثر هنا وهناك

وفي صباح هذا اليوم لاحظ أهل القرية ثوران المياة في النهر وسرعة تدفقها وتغير لونها

أعتاد سكان القرية علي ثوران هذا النهر الصغير من أن لأخر وفي أخر مرة من 10 سنوات أفاض النهر بضع أمتار ككل مرة

ولكن في هذا اليوم كان لمشيئة الله وقدرة أمر أخر

بدأ النهر في الثورة والفيضان بعد العصر

وأرتفعت المياة مغرقة مسجد القرية الذي يقع علي ضفة النهر مباشرة

وقبل صلاة المغرب كانت المياة قد أنحسرت وأصبح بالمسجد الكثير من الطمي ذهب والد مريم وجدها لرفع الطمي مع سكان القرية قبل المغرب
وقد ظنوا أن النهر قد سكن وهدأت ثورته

ولكن بعد صلاة المغرب وأنصراف الأهالي هجمت المياة من جديد

بشكل عنيف علي القرية

وفي أقل من ساعة باتت الدور الأولي من كل المنازل تحت الماء


وفي ذلك الوقت كان أبو مريم وجدها في المسجد يحاولان الحفاظ علي المصاحف وما كينة الصوت ( الميكروفون )

الغالية الثمن .

باغتتهم المياة
أرتفع منسوب المياة ليصل لثماني أمتار

غرقوا

مات أبو مريم وجدها

ليتركا أم مريم ذات الثامنة والعشرين ربيعا

أرملة ومريم أبنتها الكبري يتيمة

تركا مريم وأمها وأخاها الصغير عرايا بعد أن دمر نهر كابل منزلهم

باتا ينامان في خيمة مرقعة بدون أب

بعد أن كانت مريم تبيت في حضن أسرتها الصغيرة في منزلهم المتواضع

أصبحت الأسرة الصغيرة مشرده لا مأوي لها ولا مصدر دخل بعد وفاة أبا مريم

يري الناظر في عين مريم هموم الدنيا والأخرة

والله الذي لا إله إلا هو

تستطيع عيني مريم وما تحمله من هموم أن تجعل الصخر يبكي


وكانت تلك من أقوي وأقسي تجارب الحياة التي ممرت بها هنا في هذا البلد

3 comments:

  1. يا الله لقد تمزق قلبى لهذه الفتاه التى لم تعلم عن الدنيا الا القليل وكانت امامها الحياه جميله لا تعلم الهم يا الله اصابها باكرا وفقدت كل معنا جميل لهذه الدنيا يارب ارحمها واعنها على هذه الحياه القاسه فقد علمت الحقيقه باكرا
    واللهم ارفع مقتك وغضبك عنا وارحمنا فلا ارحم منك علينا
    بجد جزاك الله خيرا معانى رائعه قد تغيب عن الاذهان

    ReplyDelete
  2. عارف رغم انك قولتلي القصه دي قبل كدا

    بس اتأثرت جدا لما قرأتها دلوقتي

    اعانك الله علي هذا العمل الشاق وجعله في ميزان حسناتك

    ReplyDelete
  3. جزاكم الله خيرا

    ReplyDelete

يسعدني صدقا دائما ما تضيفونه لي من نصائح وخبرات فكما أن لي تجربة حياة فلكم تجارب مفيدة ومشاركتها معكم ستضيف لي كثيرا